“القرقوبي” والمخدرات بريئان من جرائم أسفي.. والجريمة لا تنفي النجاعة الأمنية لرجال “محمد الأموي”
في ظرف أسبوعين تهتز ٱسفي على وقع ثلاثة جرائم صادمة، ذاع صيتها وطنيا، ودقت ناقوس تفشي الجريمة بالمدينة وجعلت الكثير من الأسئلة تتناسل عند الرأي العام المحلي والوطني، الذي وضع صورة مدينة تُعرف بالهدوء والسكينة والأمن على المحك، وأُثير النقاش حول دور الأجهزة الأمنية وانتشار الجريمة وربطها بالمخدرات والأقراص المهلوسة.
والكثير من اللغط والنقاش على مواقع التواصل الإجتماعي والمنصات الرقمية، الذي يمكن أن تعتبره إلى حدٍ ما نقاشا صحيا ومجتمعيا، لكنه يصبح نقاشا موجها وغير ذا نفع حين يكون غير مؤسس على منهجية علمية أو مقاربة سوسيولوجية، ويعطي انطباعا بأنه ذا خلفية انتقامية لبعض الجهات، وضرب كل المجهودات الجبارة التي تقوم بها الأجهزة والقوات الأمنية، وتبخيس المُنجز الأمني للفُرق المختصة التي أصبحت تكون عمل رجال في عهد الحموشي.
1 / – الجريمة لا تلغي دور النجاعة الأمنية لرجال “الأموي” :
لا يمكن أن ينكر تلك الدينامية التي تعرفها ولاية الأمن بأسفي، إلا جاحد أو أعمى، والتي تؤكد رغبة رئيسها والي الأمن الاقليمي السيد “محمد الأموي” في تقديم “خدمات أمنية” أساسها الجودة والفعالية، وهو شئ يعكس رغبة المديرية العامة للأمن الوطني في تغيير شمولي يهم عمل مختلف المصالح والفرق الأمنية، وهذا واضح للمواطنين المسفيويين حين يقصدون ولاية الأمن بأسفي، يلمسون تطور مستوى وجودة الخدمات المقدمة، وحسن التواصل المباشر مع المواطنين، يَنفي تلك الصورة النمطية المرتبطة عند الناس بالعقلية ” البوليسية”، بل إن تعليمات السيد “الأموي” أخذت أيضاً بعين الإعتبار الإنفتاح على الجسم الإعلامي المحلي والوطني، تنويراً للرأي العام ومشاركة المعلومة مع المنابر الإعلامية لِتصل للمواطن، وتقريبه من عمل وتدخلات مختلف الفرق والأجهزة الأمنية، وسيمتد هذا العمل من خلال فتح أوراش أخرى لتعزيز النجاعة والفعالية الأمنية والرقي بها لتطلعات المواطنين وانتظاراتهم، من خلال تقوية التدخلات الميدانية في أحياء المدينة بشطريها الشمالي و الجنوبي، ومعها أيضا أحياء المدينةالقديمة والأحياء الجديدة، لمحاربة الجريمة وتعزيز الإحساس بالأمن من خلال وحدات متنقلة، وشرطة النجدة، وفرقة الدراجيين وغيرها من فرق التدخل.
2 / – الجريمة ليست وليدة المخدرات دائماً :
الجرائم الأخيرة التي كانت أسفي مسرحاً لها، جريمة التوأمين في حق التلميذ، وجريمة الضحية “زهير، وجريمة بائع المتلاشيات في حق “الضابط” ، ووفق ما أكدته مصادرنا، لم تكن الجرائم لها علاقة بالمخدرات أو كان مرتكبوها في حالة جنوح، بل هي بالأساس متعلقة بعوامل سيكولوجية، مردها ودافعها الأول هو الإنتقام والثأر وحالة الضعف والتيه التي يمكن أن يتعرض لها أي واحد منا، وهنا أصبح من الضروري أن نتساءل عن دوافع هاته الجرائم، والتي لا يمكن أن تمنعها الأجهزة الأمنية تحت أي ظرف من الظروف، أو تحول دونها أي تدخلات أو استباقات رجال الشرطة، وأصبح لزاما أن نفكر في مقاربة علمية لظروف وأسباب وقوع هاته الجرائم.
3 / – “القرقوبي” بريء حتى تثبت إدانته :
المخدرات والحبوب المهلوسة أو ” القرقوبي، يضعها الشارع المسفيوي في مكان المتهم، أو المسبب في هاته الجرائم التي أصبحت تتناسل كالفطر في الأيام الأخيرة، وهي صكوك اتهام يمكن اعتبارها، غير ذي نفع أمام نوع وطبيعة هاته الجرائم الثلاث، ولكن في الوقت نفسه لا يمكننا أن ننكر بأي حال من الأحوال، أنها واحد من أسباب كثيرة، إذا ما شرحنا الوضع الإجتماعي والإقتصادي لمدينة ترزح تحت وطأة البطالة لسنوات، ولم تأخذ حقها من مسلسل التنمية الحقيقي والمستدام، ولم يحظى شبابها بحقهم في تعليم جامعي وتقني على أعلى مستوى، فمن غير المنطق أن نفكر في أن مدينة أسفي التي تضم كثافة سكانية هامة، وهي قطب اجتماعي لشريحة كبيرة من سكان المدن المجاورة، لا تتوفر على قطب جامعي مستقل، أو بنية للتعليم العالي إذا ما استثنينا مدرسة المهندسين الوحيدة بأسفي، هذا الوضع خلق حالة من اليأس وعدم الثقة في أوساط شريحة كبيرة من الشباب الٱسفي.
4 / – الهامش مشتل للجريمة :
من الأشياء المسلمة في علم الجريمة Criminologie هو أن الجريمة هي ابنة بيئتها، والبيئة الإجتماعية تسهم في تفريخ ” المجرمين “، والشارع أو الزقاق أو الحي أو الفضاء العام الذي تكثر فيه مظاهر وعناصر الجريمة، لا يمكن أن ينتج مع الأيام إلا ما أصبح سلوكا، وللقضاء على الجريمة يجب القضاء على مسبباتها، ومعالجتها بشكل شمولي وأن يتحمل كل واحد منا مسؤوليته في محاربتها أفرادا ومؤسسات، وللأسف أصبحت ٱسفي تعرف امتددا الهوامش أو المجالات الهامشية، التي يمكن أن تتحول ملاذا أو مأوى لبعض المجرمين، وهي في بعض الأحيان تصبح “حاضناً ” لظروف الجريمة، وهنا يأتي دور المسؤولين والمجالس المنتخبة في محاربة الظاهرة، وإيجاد حلول هيكلية لإنقاذ المدينة من سرعة انتشار المجال الهامشي في جنبات المدينة، وعدم المتاجرة بأحلام الوافدين عليها من القرى والمداشر القريبة، لاستغلالهم في حملاتهم الإنتخابية وصراعاتهم السياسية المجانية، التي يكون ضحيتها هو المواطن البسيط المغلوب على أمره.
5 / – أسفي قصة إقصاء مستمر :
أسفي ومنذ سنوات ظلت على هامش برامج التنمية، ولم تأخذ نصيبها من البرامج الإقتصادية للحكومات المتعاقبة، ولم يفكر القائمون على شؤون هاته البلاد، في أن المدينة تكبر وتتمدد جغرافيا وسكانيا، وأنه وجب إعادة النظر في دمجها وجعلها قطبا حيويا في المشاريع الكبرى التي يتم اطلاقها، بل إن مساهمة أسفي في الناتج المحلي للاقتصاد المغربي يعتبر هاما، اعتبارا لأنها قطب للصناعة الفوسفاطية والطاقية وُقرب اطلاق الميناء الحراري الجديد، دون أن ننسى دورها التجاري الكبير في أنها أحد أهم الموانئ التجارية بالمغرب لصيد السمك، وتوفرها على صناعة سياحية مقصية وغير مستغلة مرتبطة بالحرف الخزفية ووجود مٱثر ومعالم تاريخية على شفير الاندثار والزوال بسبب الإهمال، وعدم الإستفادة من برامج التأهيل والترميم.
لا توجد تعليقات